كركوك – جين عراف
في مدينة كركوك المتنازع عليها باتت القوات الكردية تتلقى تدريبا على يد مدربين من الجيش العراقي، وهو الامر الذي يسميه مسؤولون اختراقا يستهدف تخفيف التوتر بين الجانبين ليؤمن سلامة حدود العراق المخترقة مع ايران.
وتزداد اهمية حماية الحدود بسبب انسحاب الولايات المتحدة الكامل السنة القادمة، وهناك ادراك متزايد لصعوبة قيام الجيش العراقي لوحده بانجاز المهمة.
ويقول الفريق مايكل باربيرو المشرف على تدريب وتقديم الاستشارات للجيش العراقي في مقابلة اجرتها معه الصحيفة ان "العراقيين يدركون ان عليهم ان يجعلوا الجيش العراقي يركز على الدفاع عن سيادة العراق. وهناك إدراك أنه يتعين علينا أن نمضي قدما وان نبدأ في عمل ذلك وان ننجز ما يمكننا انجازه خلال الاشهر 16 القادمة".
والعراق ارض اقتطعها المنتصرون في الحرب العالمية الثانية من بقايا الدولة العثمانية. وللبلد حدود مع ستة بلدان هي السعودية وسوريا والكويت والاردن وايران وتركيا. لكن ايران هي اكثر البلدان مدعاة للقلق، اذ ان هناك حدودا تمتد لاكثر من 900 ميل، فضلا عن تاريخ مرير ومعقد مع العراق. ويقول احد كبار موظفي وزارة الخارجية العراقية "انه لمصدر قلق بالغ ان هذا البلد سيحاول التوسع والتعدي اذا لم تكن لديك قوة امنية كافية لملء الفراغ. وعلينا نحن ان نملأ الفراغ وليس هم".
وقضية الحدود هي جزئيا احد اسباب الحرب العراقية الايرانية عام 1980.
ويقول مسؤولون امريكيون وعراقيون ان ايران كانت موطنا للكثير من الزعماء الشيعة العراقيين في المنفى خلال نظام صدام. وهي تتدخل في العراق بطرق متنوعة ومعظم هذه الطرق سرية.
ويقول الجنرال باربيرو "هناك قلق حول السيادة العراقية، وعندما يكون لديك جيران يحاولون ممارسة تأثيرهم مثلما تفعل ايران، فلابد ان يكون لذلك صدى".
والمئات من قوات البيشمركه الذين انتشروا على طول الحدود مع ايران كانوا قد تعاقبوا على تلقي التدريب في المركز الذي يقع في كركوك لكي يحصلوا على نفس مهارات القوات الحكومية المركزية.
وفي حرارة آب الجاري جلس جنود من وحدة قرب السليمانية على مقاعد مكشوفة يراقبون مدربا عراقيا يعرض الطريقة الصحيحة لتفكيك البنادق وتتم ترجمة تعليماته من العربية للكردية.
ويقول الفريق بابكر زيباري رئيس هيئة أركان الجيشِ العراقيِ، الذي تسبب مؤخراً بتصاعد الغضب عندما اعلن أن الجيش لن يكون قادرا عن الدفاع عن الحدود لعقد اخر، "طبقا للقانون فان واجب القوات المرتبطة بالاقليم هو حماية المنطقة الكردية بوصفها جزءا من العراق. ولابد أن يكون هناك تنسيق بين حكومة الاقليم ووزارة الدفاعِ، وبين الشرطة الكردية ووزارة الداخلية في بغداد".
وتسلم العراق هذا الشهر اول دفعة من دبابات ابرامز M1A1التي اشتراها من الولايات المتحدة. لكن جيشه الجديد سيبقى يفتقر للقوة البشرية المؤهلة أَو قابلية الدفاع عن الحدود البرية والمجال الجوي لسنوات.
ومعظم حدود العراق الشمالية تقع في الأرضِ الكردية، التي كَانت مستقلة ذاتياً منذ أن انفصلت عن نظامِ صدام بعد حرب الخليجِ 1991. وكان السؤال الاكبر بعد حرب عام 2003 هو ان كان العراق سيتماسك كدولة واحدة.
وفي مركز التدريب، يبدو عناصر البيشمركة اكثر رشاقة واصلب عودا من افراد الجيش العراقي. وبسبب الشك المتبادل بين رئيس الوزراء نوري المالكي والقيادة الكردية فقد شطبوا مليارات الدولارات المخصصة لاعادة بناء الجيش العراقي.
والتكامل كان من الاولويات التي سعى اليها الجنرال رايموند اوديرنو في العراق بهدف بناء دولة وبناء جيش. وكذلك تقليل عدد المناطق القابلة للاشتعال بين القوات المركزية والقوات الكردية والتي تهدد امن البلاد وصياغة روابط رسمية اقوى بين حكومة الاقليم ذي الحكم الذاتي والحكومة المركزية.
وقال الجنرال اوديرنو خلال مقابلة الشهر الماضي انه توصل لاتفاق مع رئيس الوزراء نوري المالكي والزعماء الاكراد لدمج اربعة الوية من البيشمركة بالجيش العراقي في المناطق المتنازع عليها وهو تطور وصفه الجنرال بانه "خطوة كبيرة للامام".
وتدريب الجنود والشرطة الكردية من قبل وزارة الدفاعِ العراقيِة ووزارة الداخلية جزء من بداية ذلك التكامل.
ويقول الجنرال باربيرو المشرف المسؤول عن تدريب ونصح القوات الأمنية العراقية "انه لن يكون امرا سهلا، ولا شيء سهل في العراق. وهناك بعض الصدمات التي نعمل من خلالها في العراق وهناك بعض الانسجة المتقرحة التي علينا ان نعمل من خلالها، لكننا سنصل الى هناك."
وتقوم الولايات المتحدةَ بتزويد قوة الحدود الكردية بأجهزةَ الإتصالات والعربات. لكن حتى الآن، لم تقدم اسلحة وهي خطوة طالب بها زعماء الاكراد بوصفها ضرورة ملحة لتامين الحدود لكن الحكومة المركزية عارضتها بقوة.ويشير الأكراد إلى عام 2003، عندما اعتمدت الولايات المتحدة على البيشمركة التي جلبوها الى بغداد للمساعدة في حفظ الامن بعد ان قامت سلطات الاحتلال الاميركي بحل الجيش العراقي.ويتساءل برهم صالح رئيس وزراء اقليم كردستان في مقابلة معه "هل نحن عراقيون ام لا؟ هل نحن جزء من هذه البلاد؟ وهل يمكن للجيش الوطني العراقي ان يكون وطنيا من دون الاكراد؟ ونحن قلقون من تسلح الجيش العراقي بدبابات ابرامز وطائرات اف 16 بينما لايحصل الاكراد عليها. علينا ان نتقبل اننا كلنا شركاء في هذا الوطن وعلينا ان نكون ملتزمين بالدفاع عنه".
ترجمة عبد علي سلمان عن صحيفة كريستيان ساينس مونيتور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق