تقرير: معهد (الشبكة الدولية للعلاقات والأمن)
يترافق الانسحاب التدريجي لقوات الاحتلال من العراق مع زيادة كبيرة في عدد المتعاقدين المكلفين بالمهمات العسكرية المحتملة، ما قد يؤدي إلى ازدهار «صناعة» جديدة هي صناعة الأمن في العراق، رغم أنها لا تزال غير واضحة المعالم حتى اللحظة.
وعلى أمل تحسين حظوظ حزبه الديموقراطي في الانتخابات النصفية بعد نحو شهرين، تعمد الرئيس باراك اوباما سحب قواته القتالية من العراق قبل الموعد النهائي في 31 آب، مبقيا على أقل من 50 ألف جندي بصفة «مستشارين». أما عدد متعاقدي الشركات الأمنية الخاصة فسيتضاعف، بذريعة «الحماية وتدريب الشرطة العراقية وغيرها من القوى الأمنية».
ووفقا لتقرير صدر عن «لجنة التعاقدات في حربي العراق وأفغانستان» في 12 تموز، فإن عدد المتعاقدين العسكريين في بغداد، والشركات الأمنية كـ«بلاك ووتر» و«تريبل كانوبي» و«داينكورب»، سيرتفع مع استكمال الانسحاب الاميركي الكامل بحلول نهاية 2011.
وفيما تنتقل إدارة احتلال العراق ببطء من البنتاغون إلى وزارة الخارجية، يشير بيان لجنة التعاقدات إلى «أن الخيار الواقعي الوحيد من أجل التعامل مع الانسحاب الاميركي يكمن في تكثيف الاستفادة من المتعاقدين»، لأن الوزارة «ستحتاج إلى أكثر من ضعف عدد هؤلاء لسدّ احتياجاتها المستقبلية في العراق» ليبلغ عددهم ما بين 6 و7 آلاف، مقارنة مع 2700 من المرتزقة العاملين حالياً في العراق.
في الواقع، ستجد الخارجية الاميركية نفسها، بلا المتعاقدين من القطاع الخاص، في «حقل من الألغاز»، وهو ما وصفته مجلة «ديفينس نيوز» بالقول إن الوزارة «لا تملك خيارات كثيرة، فهي تفتقر على ما يبدو إلى كادر خاص لقيادة المروحيات، أو تفكيك العبوات أو تقديم خدمات أخرى يقوم بها الجيش الاميركي الآن»
ووصف الكاتب في مجلة «فورين بوليسي ان فوكس» فؤاد برويز «السعي الاميركي الحثيث إلى تفعيل دور المرتزقة الأمني في العراق بأنه دليل على ان الولايات المتحدة» لم تغادر العراق بالفعل، إنما هي بصدد تغيير تواجدها الرسمي هناك».
أما «لجنة التعاقدات في حربي العراق وافغانستان»، فتوصلت في تقريرها إلى استنتاجات أخرى في توصيفها للتكتيك الاميركي، واعتبرت انه «ما لم تطوّر الحكومة العراقية قدراتها الأمنية والعسكرية، فإن زيادة عدد المتعاقدين ستشكل عبئا مالياً كبيرا (على واشنطن)، فضلا عن زيادة التحديات التي ستواجهها في الإشراف على العقود الأمنية. كما أن أي تقصير في مراقبة المتعاقدين من شأنه مضاعفة احتمالات ارتكابهم الأخطاء، ما قد يستفز العراقيين ويقوّض أهداف السياسة الاميركية».
ونقل الصحافي الأميركي الاستقصائي جيريمي سكاهيل عن إحصاءات أوردها مكتب نائب وزير الدفاع الأميركي، بلغت الزيادة في عدد المتعاقدين الأمنيين، منذ بداية عهد أوباما، «بنسبة 23 في المئة في الربع الثاني من 2009، فيما زاد العدد بنسبة 29 في المئة في أفغانستان».
وذكرت «لجنة التعاقدات» أن «بيانات حكومية مجزأة تشير إلى أن ما لا يقل عن ثلث المتعاقدين في العراق وأفغانستان، وعددهم 200 الف، هم من المتعاقدين الفرعيين»، الذين تغض السلطات الاميركية النظر عن مهماتهم المميتة أحياناً، متذرعة بعدم وجود تنسيق مباشر معهم.
كل هذا «يشوّه» الصورة الحقيقية أمام الرأي العام، الذي «إن لم يرَ وجه الحرب، بعد خصخصتها، فإنه لن يتمكن من أن يتحداها ويثور ضدها»، حسبما قال فؤاد برويز.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق